أنقذ العالم … خليك قرصان! ( 1 )

الرأسمالية بدأت حربها على الشبكة ضـد القراصنة الأحرار ، خلال اليومين الماضيين بدأت تصل إلي دعوات بما أني أحد النشطين في مجتمع المشاركة Sharing Community أو كما يحب البعض أن يسميه مجتمع الـ P2P ، فخلال الخمسة عشر سنة الأخيرة ظهرت شبكة الإنترنيت لتغير الكثير من المفاهيم الثقافية و الصناعية و الإبداعية ، فالشبكة صممت بحيث يبقى التحكم في الشبكة بيد المستخدمين النهائيين لا بيد جهاز مركزي ، فجاءت الفرصة للمستخحدم النهائي أن يكون مشارك في العملية الإبداعية و ليست فقط متلقي لها ، لتتسع القاعدة المشاركة لتتحول الشبكة إلى مجتمع عالمي كبير لتنطلق رصاصة الحرية تحاول أن تطيح بسيطرة الكيانات الإقتصادية الكبرى التي وجدت الفرصة في زمن العولمة لتفرض سيطرتها على العالم ، لتظهر مجموعات كبيرة من المستخدمين يحاولون بكل ما تتيح لهم التكنولوجيا الجديدة لنشر ثورتهم ضـد النظام الجديد …

بدايات الثورة

Shawn-Fanning مع بداية انتشار شبكة الإنترنيت في عام 1998 توصل شاب يدعى Shawn Fanning الذي ولد في 22 نوفمبر 1980 إلى ابتكار برنامج لتبادل الملفات خصوصا ملفات الموسيقى بأسلوب الند للند P2P ، و سمي هذا البرنامج باسم Napster ، و انتشر هذا البرنامج بشكل غير عادي بين مستخدمي شبكة الإنرتيت حتى اصبح مستخدميه بالملايين ، فهو يتيح للجميع مشاركة الملفات الموسيقية فيما بينهم ، حتى اصبح Shawn Fanning نجما على أغلفة المجلات الكبرى و منها مجلة Time الشهيرة التي وضعت صورته على غلافها في يوم 2 أكتوبر 2000 ، لتثور ثائرة كبرى شركات التسجيلات في العالم ، فهم يرون ان هذا البرنامج الذي أخترعه هذا الشاب الصغير يتسبب في خسائر فادحة لهم ، و تعرض “شون” لعدد كبير من القضايا المرفوعة ضده من تلك الشركات ، و كاد أن يذهب إلى غياهب السجون و في النهاية استطاع الشاب الصغير أن يتوصل إلى صفقة تدخله في شراكة مع تلك الشركات الكبرى بأن يتحول هذا البرنامج المجاني البسيط إلى أحد منافذ التوزيع لهذه الشركات و يصبح استخدام هذا البرنامج مقصورا فقط على المشتركين اللذين اصبح عليهم دفع مقابل استخدامه ليذهب جزء كبير من حصيلة الاشتراكات إلى خزائن تلك الشركات ، و يفقد البرنامج شعبيته إلا أنه وضع النبتة الأولى لثورة المستخدمين ، نرى من هذا التحول أن شركات الإنتاج و التوزيع رأت أن شبكة الإنترنيت ستكون أحد منافذ التوزيع الرئيسية فتوصلوا إلى نتيجة أن سجن هذا الشاب لن يفيدهم في شيء ، بل يجب عليهم مواكبة التغيرات التي تحدث فنحن نعيش ثورة معلوماتية و تكنولوجية جديدة لن يستطيعوا مجاراتها بأسلوبهم التقليدي ، فكان قراراهم بالدخول في هذا العالم الجديد و محاولة السيطرة عليه.

لكن القصة لم تنتهي مع القضاء على Napster و السيطرة عليه ، فقد ظهرت العديد من البرامج و التقنيات التي تتيح مشاركة الملفات و نقلها ، و تعلم الثوار الجدد ما وقع فيه Shawn Fanning من أخطاء فلم تعد تلك الشبكات مغلقة يسهل تتبعها بل أصبحت مفتوحة لا توجد سيطرة حقيقية عليها فالسيطرة في أيدي المستخدم النهائي و ليس المبرمج كذلك جاءت الأجيال اللاحقة للـ Napster مفتوحة المصدر أي أنها متاحة لكل مطور أو مبرمج أو مستخدم أن يساهم في تطويرها و نشرها و توزيعها ، و توسعت نوعيات نقل الملفات و لم تعد تقتصر على الملفات الموسيقية بل حوت الأفلام و الكتب و البرامج و غيرها مما يمكن استخدامه على اجهزة الكمبيوتر ، لتتحول تلك الظاهرة إلى ثورة خفية ضـد الرأسمالية العالمية لتظهر بعد ذلك تقنية تعتبر هي الأولى حاليا في مجتمع المشاركة في الملفات أو ما يسمى بمجتمع الـ P2P و احيانا يطلق عليه مجتمع المشاركة Sharing Community و هي تقنية الـ BitTorrent ، و هذه التقنية أكثر أمنا و أكثر سرعة من التقنيات السابقة ، فهي أتاحت نقل الملفات مهما كان حجمها بين مستخدمي الشبكة حتى أنها أتاحت إمكانية مشاركة اسطوانة DVD أو حتى Blue Ray بالرغم من حجم تلك الأسطوانات الكبير ، و لكن تلك التقنية سهلت عملية المشاركة ، و اصبحت الحرب على أشدها بين الشركات أصحاب حقوق النشر و مستخدمي تلك الشبكات و حتى هذه اللحظة يعتبر المستخدمين هم الفائزين في تلك الحرب الدائرة بالرغم من الخسائر التي يتحملوها أحيانا طلائع ثوار الـ Torrent إلا أن مستخدمي تلك التقنية يزدادوا يوما بعد يوم حتى أصبحوا يشكلوا أكثر من 40% من عرض النطاق الترددي للشبكة Band width ، و اصبح موقع مثل Pirate Bay يحتل المركز الـ 94 على العالم من حيث عدد الزيارات حسب موقع Alexa المتخصص في تتبع ترتيب المواقع على الشبكة من حيث عدد الزيارات.

قراصنة الخليج من موقع على الشبكة إلى حركة سياسية

لم يرضى مستخدمي شبكات المشاركة بالحملة الإعلامية الضخمة التي تتهمهم بأنهم قراصنة و لصوص مما جعلهم يتحركون أكثر لنشر مبادئهم ، و بالفعل ظهرت بشائر تلك الحركة السياسية الجديدة في يناير 2006 عندما تأسس أول حزب في العالم باسم القراصنة Pirate Party في العاصمة السويدية ستوكهولم ، و تنتقل الثورة إلى دول أخرى و تبدأ أحزاب أخرى في التكوين في كل من النمسا ، الدنمرك ، فنلندا ، ألمانيا ، أيرلندا ، هولندا ، بولندا ، اسبانيا ، لتنطلق حركة عالمية باسم “القراصنة” لتكوين تحالف أطلق عليه Pirate Parties International ، و بالفعل عقـدت مؤتمرات في كل من برلين بألمانيا و اوبسالا في السويد بخريف 2008 لتشكيل تحالف لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2009 ، و تأتي المفاجأة و يفوز هذا الحزب الوليد الغريب التكوين بمقعدين في البرلمان الأوروبي ، و اليوم أصبح هناك أحزاب مسجلة و نشطة رسميا في 15 دولة اوروبية على نفس مبادئ الحزب السويدي الذي يعتبر رائدا في هذه الحركة العالمية الجديدة ، و تتخطى الحركة اوروبا لتنطلق خارجها و يتكون حزب للقراصنة في كندا و هو حاليا قيد التسجيل بل و من المتوقع إعلانه رسميا خلال الأشهر القليلة القادمة ، و في الأرجنتين ، استراليا ، البرازيل ، شيلي ، قبرص ، استونيا ، اليونان ، ايرلندا ، إيطاليا ، كازاخستان ، ليتونيا ، المكسيك ، نيبال ، نيو زيلاندا ، البرتغال ، رومانيا ، روسيا ، صربيا ، سلوفكيا ، سلوفانيا ، تركيا ، الولايات المتحدة ، اوروجواي ، أوكرانيا ، كولومبيا ، فنزويلا ، الصين ، بيرو ، المجـر في كل تلك الدول أحزاب تحت الإنشاء حاليا ، بعضها عضو في الحركة العالمية للقراصنة و بعضهم لا يزال طلبه لم يبت فيه بالقبول ، و من أهم تلك الحركات حزب القراصنة المجري بالرغم أنه لا يزال حزب تحت التأسيس إلا أنه استطاع الحصول على 16 مقعد في البرلمان المجري و لكنه لم يعلن رسميا عن إطلاق الحزب و أنه لا يزال منظمة اجتماعية و يرى المراقبون أنه لن يستمر طويلا و أنه سيتحول إلى حزب سياسي قريبا بعد حصوله على عدد محترم من المقاعد في البرلمان ، أما في الصين فبسبب خصوصية الحياة السياسية هناك ففي الأغلب لن يستطيعوا أن يكونوا حزب سياسيا لذا فمازال هناك نقاشات حول تكوين فريق خاص بالصين بالتعاون مع الحركة العالمية.

ما هي حركة القراصنة العالمية ؟

حركة القراصنة العالمية Pirate Parties International و يشار لها اختصارا باللغة الإنجليزية PPI ، أطلقت كمنظمة غير حكومية للحفاظ على الاتصالات و التعاون بين مستخدمي شبكات مشاركة الملفات ، تأسست في عام 2006 ، و تم الاعتراف بها رسميا في 19 أكتوبر 2009 حسب القانون البلجيكي و كان أول مؤتمر عالمي لها في الفترة ما بين 16 و 18 إبريل 2010.

أهداف حركة قراصنة الخليج

ربما تكون أهداف الحركة غامضة بالنسبة للبعض و حتى على موقعهم الرسمي لن تجد إجابة وافية و لكن تظهر بوضوح أهداف الحركة من خلال حزب القراصنة السويدي الذي يشرح أهداف الحزب و التي هي اساس إنشاء الحركة العالمية فيقول :

إننا نطالب بإصلاحات جوهرية على قانون حق المؤلف و براءات الاختراعات لضمان حقوق المواطنين و نحن نبذل الجهد لتحقيق ذلك عن طريق المساعدة في تكوين أحزاب و جماعات ضغط في أوروبا و خوض الانتخابات البرلمانية في دول العالم و الاتحاد الأوروبي لتعديل تلك القوانين ، فنشر الثقافة و المعرفة لا يجب أن يجرم بأي شكل من الأشكال ، و أن وجود شبكة الإنترنيت فرصة لتصبح تلك الشبكة أكبر مكتبة عامة في تاريخ البشرية ، أننا نطالب أن حق المؤلف في استغلال العمل تجاريا ينبغي أن يقتصر على خمس سنوات بعد نشره ، فقوانين حقوق النشر حاليا مجحفة في حق المستخدمين.

ربما البعض يرى أن هذه المطالب ما هي إلا سخف ، إلا أن آخرين يرون أنها ثورة المجتمع أمام النظـم الرأسمالية الاحتكارية التي جردت الفنون و الثقافة من سماتها الرفيعة لتتحول إلى سلعة تجارية خاضعة لقوانين السوق ، فتعريف الثقافة أنها إدراك الفرد و المجتمع للعلوم و المعرفة في شتى مجالات الحياة ؛ فكلما زاد نشاط الفرد و مطالعته و اكتسابه الخبرة في الحياة زاد معدل الوعي الثقافي لديه ، و أصبح عنصراً بناءًا في المجتمع.

إلا أن تحويل المنتج الفني و الثقافي إلى سلعة جعلها منتج طبقي لمن يدفع أكثر ، و من لديه المال أصبح يملك المعرفة و العلم ؛ و من مطالبهم أيضا أن تكون شبكة الإنترنيت متاحة للجميع مجانا للإنسانية جميعا و أن تخرج خارج الأطر التجارية.

بالرغم من الاتهامات التي يتلقاها مستخدمي شبكات المشاركة بأنهم السبب في انخفاض إيرادات الأفلام ، و لكن الحقيقة و التي تؤكدها الأرقام غير ذلك تمام فإذا أخذنا مثالا فيلم مثل Avatar سنجد الآتي أن التكلفة الإنتاجية للفيلم بلغت حوالي 460 مليون دولار مقسمة على النحو التالي 310 مليون دولار كتكلفة إنتاجية ، و 150 مليون دولار بسبب استخدامات الخدع التكنولوجية مثل 2D View, 3D View, Dolby 3D and Xpand 3D ، إلا أن الإيرادات النهائية للفيلم على مستوى العالم حققت رقما قياسيا وصلت إلى 2,740,405,721 مليار دولار ، إذا أين الحقيقة !

بيان ويكبيدا ضـد قانون الاحتكار الجديد

http://ar.wikipedia.org/wiki/ويكيبيديا:SOPA

كما أنضم للاحتجاج كل من شركة جوجول و الفيس بوك ، و عدد من شركات الكمبيوتر أهمها شركة آبل و آي بي أم

تعليقات

  1. عمرو
    مقال مميز يحتاج الى وقت كاف لدراسته
    ونشكر لك جهدك فى حصره

    ردحذف
  2. الله خليكم اخجلتوني ، المقال جزء من سلسلة نشرتها على موقع شباب الشرق الأوسط

    ممكن قراءة باقي المقالات من هنا
    http://ar.mideastyouth.com/?tag=سلسلة-أنقذ-العالم-خليك-قرصان

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

و رحل مفكر آخر “نصر حامد أبو زيد“

تطور الحياة السياسية و الاجتماعية فى مصر

"سلطة بلدي" ... بس دلعة شوية !