رجال الأعمال و محاولة إجهاض الثورة

ربما تعتبر تلك المرة الأولى منذ فترة ليست بالقصيرة التي أتفق فيها مع أحد قيادات الأخوان في رأي ما ، فتصريح الدكتور محمـد البلتاجي القيادي الأخواني المعروف و عضو الهيئة التأسيسية لحزب الحرية و العدالة بأن رجال الأعمال هم اللذين يزرعون الخلاف بين الثورة و الثوار ، الثورة اليوم على المحك فالأحكام الأخيرة التي افرزتها منظومة القوانين "المباركية" و التي أتاحت الفرصة للفاسدين أن يفلتوا من العقاب ، و عل الجانب الآخر حالات البلطجة المنظمة التي يرعاها رجال أعمال استفادوا من النظام الساقط بأموالهم و لا يريدون للثورة أن تستمر لتصل إلى مبتغاها ، يضعنا هنا أمام مشكلتين في غاية الخطورة ، فالمنظومة القانونية تفوح منها رائحة الفساد التشريعي و هذا انعكاس للحالة السياسية التي كانت عليها البلاد في تلك الفترة ، و المشكلة الثانية رجال الأعمال و أموالهم تضعنا هنا أمام مطلب اساسي من مطالب الثوار في التحرير ، وهو محاسبة المسئولين عن تدمير الاقتصاد المصري في بيع و تفكيك مؤسسات القطاع العام التي كانت عماد هذه البلاد و الحصن الحصين للشعب المصري ، فإذا عادت تلك القوة الاقتصادية مرة ثانية لذلك الشعب المغلوب على أمره من بعض النخبويين فستكون أكبر ضربة قاسية لمنظومة رجال الأعمال المختالين بأموالهم و ستستطيع الحكومة المنتخبة القادمة أن تحقق مفهوم العدالة الاجتماعية من خلال قوة اقتصادية و تحقيق مطلبهم بدون الدخول في مغامرات اقتصادية قد تطيح بالبلاد من خلال مطالب الحد الأدنى للأجور و الذي كنت و مازلت ضدها ، فالحد الأدنى لن يفعل شيئا بل سيكون عبئا على المواطن البسيط فالأسعار ستزيد مرة أخرى و ستصبح تلك الزيادة ليست أكثر من نكتة لن نضحك عليها بل ستجعلنا نبكي بكاء عويل ، لتعيد ذكريات منحة الموظفين و العمال في الأول من مايو من كل عام التي كانت بمثابة منحة من الرئيس للشعب المغلوب على أمره و لكنها دائما ما تكون خادعة ، فمعدلات الأسعار تزيد بأكثر من ضعف تلك المنحة لتضيع هباء ،و هذا ما سيحدث أيضا للحد الأدنى من الأجور ...

من الناحية الأخرى لن يجد رجال الأعمال و أغلبهم من المستفيدين من عملية بيع القطاع العام الفائض المالي لتمويل عمليات البلطجة و إجهاض الثورة و سيصبح امامهم خيارين إما الرضوخ للأمر الواقع و الاندماج مع المنظومة الجديدة أو الخروج تماما من البلاد بما اكتسبوه من أموال للحفاظ على ما تبقى منها بأي شكل من الأشكال ، و في الحالتين اعتقد إن الشعب المصري سيكون أكتسب بالفعل حريته ، فستكون حريته الاقتصادية و السياسية بين أيديه و ليست بين أيدي حفنة من الفاسدين ، و لن يصبح هنا للمال قوة مؤثرة في أية انتخابات قادمة ، و ستعود الخدمات الأساسية للمواطن كما يتمناها ، و سيكون أمام الحكومة حلول أكثر سهولة للسيطرة على معدلات التضخم و عجز الموازنة ...

هذا يذكرني بمقال نشر اليوم بجريدة الشروق للدكتور جلال أمين بعنوان " بين الدولة الرخوة و الدولة القوية " ، يؤكد ما أنادي به من فترة ليست بالقصيرة ، فالحل ليس بالقرارات الإصلاحية لابد من قرارات ثورية قوية تعيد التوازن مرة أخرى للشارع المصري قبل الدخول في صراعات سياسية أو حزبية ، فالثورة لابد أن تستمر ليس فقط لحق الشهداء ولكن لكل مصري و مصرية يعيشون على تلك الأرض الطيبة ...

1

أخيرا و ليس آخرا كلماتي تلك تتزامن مع تهديد صريح أطلقته صفحة "أنا آسف يا ريس" على شبكة الفيس بوك بتهديدها للثوار إذا حاولوا الاعتصام أمام مستشفى شرم الشيخ المحتجز بها المخلوع ، و يظهر في الصورة كيف وصل هؤلاء إلى حالة من اليأس بعد نجاح جمعة الثورة أولا ، و اليأس دائما ما تكون ردود افعاله حمقاء و يا ليتهم يفعلوها فستكون نهايتهم قد حانت ...

تعليقات

  1. هما دول رجال اعمال دول لصوص....للاسف مفيش حاجة تغيرت عشان يقلقو ...نفس ايام ومبارك ويمكن اسوء

    ردحذف
  2. لو عايزين ينتهوا من موضوع البلطجة و عايزين انتخابات نزيهة لازم يفككوا سيطرة رجال الأعمال على الاقتصاد

    ردحذف
  3. ده كله عايز يجهض الثورة مش بس رجال الاعمال...العسكر حرامية و الدقون نصابيين و كله بينهش و الشعب بدأ يتعب و متسلط علينا عالم سفيهه فى الاعلام

    ردحذف
  4. أهلا تيرس
    المجلس العسكري و رجال الأعمال متحالفين مع بعض ، ممنةع الكلام في وسائل الإعلام عن استعادة شركات القطاع العام و القضايا المرفوعة بيتم كل شوية تأجيلها في قضايا مرفوعة من أكثر من ثلاث سنين و مش عايزين يصدروا فيها أحكام لغاية النهاردة المفروض أن كل الشركات اللي أتخصخصت يتم تأميمها فورا ... الشعب مش هيسكت على الحرامية

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

و رحل مفكر آخر “نصر حامد أبو زيد“

تنظيم القاعدة بيقتل 37 مسيحي عراقي علشان كامليا المصرية !!

الرأسمالية : قصة حب !