سياسة و لا رياضة ولا ....


التحدي كان في غاية القسوة أمام الصينيين في أمتحانهم الأوليمبي السياسي ، فالحدث لم يكن رياضيا بالمعنى الكامل بل كانت السياسة تغلفه بغلاف ثقيل ، فالألعاب الأوليمبية حدث له أهمية خاصة في التاريخ البشري ، فكل أربع سنوات يجتمع المليارات من كل أنحاء العالم أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة الدولة التي سوف تنظم هذا الحدث ، فالأولمبياد أصبحت بوباة أعلانية سياسية كبيرة للدول التي تنظمها ، فمنذ عام 1936 ، عندما أستغل ”ادولف هتلر“ الأولمبياد للدعاية للحركة النازية بدأ الحديث عن قوة هذا الحدث و تأثيره على العالم ، و جاء عام 1972 لتطل السياسة بوجه أكثر ضجة ، بعد أن قام عددا من الفدائيين الفلسطينين بأحتجاز البعثة الرياضية الأسرائييلة في القرية الأولمبية لحث العالم على النظ للقضية الفسلطينية و الشعب الذي اغتصبت ارضه في غفلة من التاريخ ، و من الملاحظ ان الحدثيين الرئيسين في تدخل السياسة في الرياضة كان على أرض الألمان ، ولكن لم تكن هذه هي النهاية بل كانت طلقة البداية لمزيد من الأحداث السياسية المرتبطة بالحدث الأوليمبي ، و نأتي لعام 1980 مع بداية التدخل السوفيتي في أفغنستان و في نفس الوقت كانت موسكو تستعد لتنظميم الحدث الأوليمبي لأول مرة ، و كان القيادة السوفيتية تحلم بأن يكون تنظيمها للحدث أكبر دعاية للفلسفة الشيوعية ، وفي المقابل وقف الغرب مستغلا موقفا سياسيا ليقلب الموقف لصالحه و تبدا حملة لمقاطعة الأولمبياد تنجح فيها أمريكا في أن تجبر العديد من الدول الغربية و العديد من دول العالم الثالث التي تدور في فلكها في مقاطعة الحدث الأولميبي ، و ترد موسكو على واشنطن عام 1984 بمقاطعة من المعسكر الشرقي له ، هذه أمثلة بسيطة لنأتي للحدث القريب.

ومنذ أن اختيرت بكين لاستضافة الأولمبياد، ثارت المنظمات الحقوقية تنديدا بسجل الصين في مجال حقوق الإنسان والإعلام ، واعتبر البعض منح الصين فرصة تنظيم الألعاب مكافأة لحفاظها على هونج كونج كقلب للرأسمالية العالمية عقب استعادتها من بريطانيا عام 1997 ، فيما رأى البعض أنّ الأمر يتعلق بغلبة المال باعتبار ضخامة السوق الصينية ، ولذلك فقد شكلت الأحداث التي أطلقها تبتيون فرصة لتلك المنظمات لتعيد التنديد إلى الواجهة ، وتعالت الصيحات الداعية إلى مقاطعة الدورة وهي نفس الدعوة التي سبق بها المخرج العالمي الأمريكي الشهير ستيفين سبيلبرج ، الجميع بإعلانه انسحابه من العمل كمستشار فني للدورة، قائلا إنه بذلك يحتج على موقف الصين من الأحداث في إقليم دارفور ”السوداني“ ، إلا أن الدعوات المتزايدة للمقاطعة بلغت ذروتها عقب أحداث الشغب في التبت ، فقد حض البرلمان الأوروبي زعماء الدول الـ 27 الأعضاء في المنظمة الأوروبية على التفكير في مقاطعة جماعية لافتتاح الألعاب الأولمبية ، وبات في حكم المؤكد حضور الرئيس جورج بوش الافتتاح وكذلك جزءا من الألعاب فيما يعد دعما قويا للحكومة الصينية، يعلن عنه البيت الأبيض قبل أيام فقط من انطلاقها، رغم النداءات الكثيرة من داخل الولايات المتحدة التي طالبت الرئيس الأمريكي بالمقاطعة ، وحثت السناتور هيلاري كلينتون، ومن قبلها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، بوش على مقاطعة حفل الافتتاح إذا لم تحسن الصين سجلها لحقوق الإنسان.

ولنا عودة !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

و رحل مفكر آخر “نصر حامد أبو زيد“

تنظيم القاعدة بيقتل 37 مسيحي عراقي علشان كامليا المصرية !!

الرأسمالية : قصة حب !